بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 يوليو 2018

لغة الصمت


لغة الصمت ...
الصمت هو أن تجلس وحيدا بين أربعة جدران .. تتأمل ملامح الفكر الضال على أرصفة شرايين ... عقلك الراقد بين جوانح ظلام الحياة .. أو أن تجلس بين مليون إنسان و برغم الضجيج .... و الفوضى إلا أنك قد تنظر بنظرة ثاقبة ... لوحي قادم من بعيد يجتاح ذاكرتك الباردة ... في مستودع ماضيك القديم أو في صندوق أسرار قلبك ... لمستقبل تخاف أن يأتيك كـ التتار ... أو الطوفان ليجتاح كل ما هو جميل بداخلك .. في كلتا الحالتين الصمت .. هو الصمت قد يصنع منا عباقرة  و مفكرين و قد يصنع منا جبناء منعزلين عن العالم .. أو يصنع منا مجرد دمى ثابتة في نفس المكان كقطعة أثاث بجوار الحائط أو معلقة على جدران الروح ... الصمت لغة لمن يعرف معناها كالعظماء  و في نفس الوقت هو أسلوب حياة للضعاف  الذين يخشون الاندماج في العالم البشري .. أو الذين أصابتهم حمى القلق و اليأس .. من كل شئ حتى أنفسهم .  و في نفس الوقت يعتبر الصمت هو ملاذ الزاهدين في الدنيا لممارسة عبادتهم الروحية و الجسدية .. كما هو أيضا مأوى للراهبين في  عالم الفكر و التأمل .. الصمت قد يكون سلاح ذو حدين فقد يجعل منك حكيما .. و قد يجعل منك  منحرفا جاهل ..
قد يجعل منك أميرا أو يجعل منك أسيرا في سوق النخاسين من الصعاليك الذين
يثرثرون ليل نهار بلا فائدة . . حتى في الحب الصمت أفضل بكثير فقد تلفظ كل كلمات الحب و العشق
أنفاسها الأخيرة  عندما تنطقها ألسنتنا أو حتى نسطرها على الورق .... و أخيرا أرى  أن أفضل أنواع الصمت
هو الذي يجعلك متأملا عابدا مفكرا متزنا مقداما على الحياة
بقلب يحمل بين أوردته حديقة مليئة بالأمل للغد .. الصمت الحق هو الذي يعد فترة
اختبار لك لإعادة النظر في كل شئ من حولك و مراجعة نفسك أول بأول . . فـ للصمت وسائل كثيرة
 قد تكون بكبح اللسان عن التفوه بما لا يسمن و لا يغني من جوع .. أو بوضع شهواتك بعيدا
 في منفى التوبة لأجل غير مسمى .. أو بغلق عينيك عن ما تراه قبيحا في زمن تلوثت فيه الوجوه
و النفوس بماء الأقنعة المزيفة ... أو أن تصمت بحجب قلبك عن كل ما يؤلمك و يحزنك في عالم
 أصبح البحث فيه عن الرذيلة أسهل بكثير من البحث عن الفضيلة .. و إياك أن تجعل من صمتك
وسيلة لجلد الذات أو لتأنيب الضمير فهذا و ذاك بداية طريق مسدود لن ترى فيه سوى الذل و المهانة
و سوف تجعل من روحك طائر مذبوح يلفظ أنفاسه الأخيرة .  فإذا كان الصمت وسيلة للتعبير عن خجلك
فهو جميل و إذا كان صمتك للسكوت عن الحق و الخوف من البشر فهو صمت ضال
قد يلقى بك في بئر الشياطين .. . اصمت عندما تريد أنت أن تصمت .. و لا تصمت
لأن غيرك يريد منك ذلك أو لأنك تخاف شئ ما . . اجعل من صمتك أسلوب حياة إيجابي ..
اجعله عبادة و دعاء اجعله قوة عظماء  و سلاح مفكرين و قلم أدباء و رزانة عقلاء
و جواد الفرسان و صرخة شجعان . . اجعل من صمتك روح ترفرف في سماء الأماني
و عروس ترقص فوق أمواج البحر على أنغام الأحلام . . صمتك قوتك الحقيقية التي لم تكتشفها بعد ..
فيا ليتنا نتعلم كيف نصمت و نوقف عقولنا عن الإنشغال بغيرنا و ما لا يفيدنا ... وقتها نكون ... قدمنا خدمة عظيمة لراحة عقولنا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق